الثلاثاء، 7 أبريل 2009

حوار محمود درويش مع الموت


حوار محمود درويش مع الموت

لماذا أصبح محمود درويش شاعرا بهذا الحجم

انه استطاع أن يقول مالا يقال بما يقال ....

تعدى حدوده الى حيث نحلم الى حيث شئنا أن نقول ولم نستطع .. يدهشني كثيرا أن أقرأ عنه أنه حتى فى أمسياته التي كان يلقيها فى بلاد ليست عربية فأن الحضور ينفعلون به ويصفقون له بنفس القوة التي يسمعه بها العرب ..

يقول درويش فى حواره مع الموت

أيها الموت انتظر

حتى أعد حقيبتي

فرشاة اسناني , وصابوني, وماكنة الحلاقة, والكولونيا, والثياب

هل المناخ هناك معتدل؟

وهل تتبدل الأحوال فى الأبدية البيضاء ؟

أم تبقى كما هي فى الخريف وفى الشتاء؟

وهل كتاب واحد يكفي لتسليتي مع اللا وقت ؟

أم أحتاج مكتبة ؟

وما لغة الحدبث هناك ؟

دارجة لكل الناس؟

أم عربية فصحى؟

ويا موت انتظر ياموت

حتى أستعيد صفاء ذهنى فى الربيع وصحتى

لتكون صيادا شريفا

لا يصيد الظبى قرب النبع

فلتكن العلاقة بيننا ودية وصريحة

لك أنت مالك من حياتى .حين املأها

ولى منك التأمل فى الكواكب

لم يمت أحد تماما

تلك أرواح تغير شكلها ومقامها

ويتابع درويش حواره مع الموت بهدؤ شاعر رزين ويقول........

اجلس على الكرسي

ضع أدوات صيدك تحت نافذتي

وعلق فوق باب البيت سلسلة المفاتيح الثقيلة

لا تحدق يا قوى الى شراييني

لترصد نقطة الضعف الأخيرة

أنت أقوى من نظام الطب

أقوى من جهازتنفسى

أقوى من العسل القوى

ولست محتاجا لتقتلنى الى مرضى

فكن أسمى من الحشرات

كن من أنت شفافا

بريدا واضحا للغيب

كن كالحب

عاصفة على شجر

ولا تجلس على العتبات كالشحاذ

أو جابي الضرائب

لا تكن شرطي سير فى الشوارع

كن قويا, ناصع الفولاذ

واخلع عنك اقنعة الثعالب

كن فروسيا , بهيا, كامل الضربات

قل ما شئت

,, من معنى الى معنى أجئ

هي الحياة سيولة

وأنا أكثفها أعرفه بسلطاني وميزاني

لم يسخر احد من الموت ويتشفى فيه مثلما فعل درويش

هزمتك ياموت الفنون جميعها

هزمتك ياموت الاغاني فى بلاد الرافدين

مثلة المصري

مقبرة الفراعنة

النقوش على حجارة معبد هزمتك وانتصرت

وأفلت من كمائنك الخلود

فاصنع بنا واصنع بنفسك ما تريد

يقول درويش للموت اننا لم نعد نخاف منك فلقد هزمناك بمجدنا الذى صنعته ايدينا ليبقى اذا فنيت اجسادنا يخلّد ذكرنا ,اما انت فوحدك المنفى لا حياة لك ولا تنعم

وأيها الموت التبس واجلس

على بلور ايامى

كأنك واحد من اصدقائى الدائمين

كأنك المنفى بين الكائنات

ووحدك المنفىّ لا تحيا حياتك

ما حياتك غير موتى

لا تعيش ولا تموت

وتخطف الأطفال من عطش الحليب الى الحليب

ولم تكن طفلا تهز له الحساسين السرير

ولم يداعبك الملائكة الصغار

ولا قرون الأيل الساهى

كما فعلت لنا نحن الضيوف على الفراشة

يسخر محمود درويش من الموت وكأنه يشفق عليه و يغيظه فى ان واحد

وحدك المنفى يامسكين

لا امرأة تضمك بين نهديها ولا امرأة

تقاسمك الحنين الى اقتصاد الليل

بالفظ الأباحى المرادف لاختلاط الأرض فينا بالسماء

ولم تلد ولدا يجيئك ضارعا

أبت .... احبك

وحدك المنفى

يا ملك الملوك , ولا مديح لصولجانك

لا صقور على حصانك

لا لأّ لى حول تاجك

أيها العارى من الرايات

والبوق المقدس

كيف تمشى هكذا من دون حراس وجوقة منشدين

كمشية اللص الجبان

وأنت من أنت

المعظم

عاهل الموتى القوى

وقائد الجيش الأشورى العنيد

فاصنع بنا واصنع بنفسك ماتريد

مات درويش وفنى جسده فى التراب وبقى الموت كما هو شامخ يتربص بنا ولكن هزمته جدارية محمود درويش باقية على مر الزمان

احمدعبدالعاطى

هناك تعليق واحد: